الجمعة، يونيو ٢٠، ٢٠٠٨

الابتكار .. في مجتمع المعلومات

كيف نتعامل مع الفكرة

و هي بين الحياة و الموت

عند التصدّي لتقييم فكرة ما، يكون علينا أن نسعى إلى تحديد العوامل الرئيسية، التي يتقرّر عن طريقها الأخذ بتلك الفكرة أو إهمالها . لهذا، يكون علينا عند تقييم أيّ فكرة أن ندخل في اعتبارنا ثلاثة عناصر : العوامل الحيوية، و العوامل القاتلة، ومدى مرونة الفكرة .
العوامل الحيويـة :
و هي العوامل التي تكون ضرورية لضمان " حياة " الفكرة . بغير توفّر هذه العوامل الحيوية لن تصلح الفكرة عند وضعها موضع التطبيق . يدخل في هذه العوامل : النفـع، و التوافـق مع القواعـد و القوانين، و توفّر الموارد اللازمة للتنفيذ، إلى آخر ذلك . بعض هذه العوامل يكون متوفرا بشكل طبيعي في الفكرة، و البعض الآخر يتحقّق وفقا للمعالجة الواعية للفكرة .
العوامل القاتلـة :
و كما أن العوامل الحيوية تكون ضرورية لحياة الفكرة الجديدة، فإن العوامل "القاتلة" تقود إلى موتها. الفكرة التي بها بعض العوامل القاتلة، لن نستطيع الاستفادة منها .
و من بين العوامل القاتلة حاليا في عديد من الدول، تخريب البيئة ز كما أن ارتفاع الأسعار الجنوني يعتبر من بين العوامل القاتلة . و أيضا يكون من بينها، ارتفاع التكاليف القانونية عند تطبيق الفكرة الجديدة، و ما يمكن أن يترتّب على الأخذ بالفكرة من تعقيدات، و ما يمكن أن تقود إليه الفكرة من انتهاك للحقوق العقلية، أو استغلال الأقلّيات .
و عل قدر قيمة الفكرة الجديدة، يتحدّد الجهد الذي يجب أن نبذله للتخلّص من العوامل القاتلة (وليس مجرّد إخفائها)، أو للوصول إلى عواملها الحيوية .
المرونــة:
المرونة، تعتبر من بين الخواصّ متزايدة الأهمّية بالنسبة لأي فكرة جديدة . و عنصر المرونة يتزايد الطلب عليه في ظلّ الظروف المتغيّرة، لأنّ شروط المستقبل لا تكون مؤكّدة، كما أنّه من الصعب أن نعرف سـلوك المنافسين بشكل واضح . أضف إلى هذا، أن القيم المأخوذ بها تتغيّر طوال الوقت، كما لا يمكن التأكّد ممّا ستكون عليه التكلفة في مستقبل الأيام .
في مواجهة هذا الغياب لليقين، يكون من الصعب التنبؤ بأن فكرة معيّنة ستكون صالحة الآن و في المستقبل . و مع ذلك، فما زالت الحاجة شديدة للوصول إلى الأفكار الجديدة، فليس من المعقول أن نجمد في أماكننا تجنّبا للمخاطر . و المرونة، يتركّز فيها حلّ هذه الإشكالية، أي قابلية الفكرة للتكيّف مع الظروف المستجدّة .
علينا أن نسأل أنفسنا : هل يمكن أن تتحوّر هذه الفكرة لتلائم الظروف المتغيّرة ؟، هل تتمتّع هذه الفكرة بالمرونة اللازمة ؟، و إذا استجاب المنافسون بطريقة ما، هل يمكن للفكرة أن تتغيّر وفقا لتلك الاستجابة ؟، و أخيرا .. إذا ما ظهرت الحاجة إلى تغيير السعر، هل يتناقض ذلك مع الأخذ بهذه الفكرة الجديدة ؟ .
الأفكار الجامدة ليست خيارا جيّدا . فمن الجوانب الهامّة في عملية تصميم الفكرة و صياغتها، تزويدها بأكبر قدر من المرونة . في هذا المجال، نعود لنسأل أنفسنا : إذا كانت هذه الفكرة صالحة للتطبيق، هل يمكن اعتمادا عليها توليد عدد من الأفكار الإضافية، لكي نكسب قدرا من حرّية و سرعة التصرّف ؟، و بعد أن ندخل المخاطرة و نتجاوزها، كيف يمكن أن نعظّم نجاحنا ؟ .

وضع التقهـقر

إذا ما حدث و فشلت الفكرة عند تطبيقها، نتيجة لعدّة أسباب، ما هو الوضع الذي نتّخذه للتقهقر و التراجع ؟، هل من الممكن أن نصل بالخسائر إلى حدّها الأدنى ؟، هل يمكن أن نكسب شيئا من هذه التجربة السلبية، كأن يكون الوصول إلى معرفة مستجدّة بالنسبة للسوق ؟، هل يقود فشل هذه الفكرة الجديدة إلى إلحاق الضرر بإنتاجنا القائم، أو بالصورة الحالية للمؤسّسة، أو بعلاقاتنا التسويقية ؟ .
لقد اعتدنا ـ في حالة التقهقر أو التراجع ـ أن نبحث عن كبش فداء ! .. أي شخص من العاملين في المؤسّسة يمكن أن ينسب إليه ذلك الفشل . و غالبا ما يكون المسئول قد استعدّ ـ مسبقا ـ لهذه الحركة، حتّى قبل أن يفكّر أحد في فشل الفكرة الجديدة .
و رغم أنّنا عند الأخذ بفكرة جديدة لا ندخل في اعتبارنا أنّها ستفشل، فقد يكون من المفيد الاتّفاق على صياغة مسبقة لموقف التقهقر . فيشكّل هذا ركنا من أركان عملية التقييم و الصياغة لأيّ فكرة جديدة، وخلال قيامنا باختبارها .
قد نسأل أنفسنا : هل يمكن اختبار هذه الفكرة في مشروع تجريبي ؟، و هل يمكن الاعتماد على رأي المستهلك في اختبارها ؟، أو اختبارها من خلال عيّنة مصغّرة ؟، و أخيرا .. هل يمكن اختبار الفكرة للإعلان عنها، أو بتسريب متعمّد للصحافة عن بعض جوانبها ؟ .
ثم قد نطرح أسئلة أخرى، مثل : هل يمكن اختبار الفكرة من خلال سماحنا لجهة أخرى بتجربتها في بداية الأمر ؟، و هل نعتمد في اختبارها على جماعات بؤر التركيز، أم عن طريق دراسات منافذ البيع ؟. و كما قلنا، هناك عدّة قيم تؤثّر على عملية اختبارنا للفكرة : (1) التثبّت من صلاحيّتها للاستخدام . (2)تحوير و تعديل الفكرة بما يتماشى مع معلومات التغذية المرتدّة . (3) توفير الدعم للفكرة .

المخــاطرة

عنصر المخاطرة، يكمن وراء كلّ ما نصدره من أحكام و قرارات و تقييمات . و تستهدف عمليات التصميم و التقدير خفض المخاطرة، التي قد يقود إليها تطبيق الفكرة .
و هناك العديد من المخاطر .. مخاطرة احتمال فشل الفكرة، و مخاطرة اكتشاف ارتفاع التكلفة عمّا كان متوقّعا . كذلك مخاطر احتمالات أن تقود الفكرة إلى تخريب صورة و مكانة المؤسّسة، أو صلاحيّات الإنتاج بها، أو علاقاتها التسويقية، أو علاقاتها بالمستهلكين .. إلى آخر ذلك .
كذلك، هناك مخاطرة أن يقود الأخذ بالفكرة إلى تشتيت الانتباه و إهدار الموارد بالنسبة لباقي نشاط المؤسّسة، و مخاطرة حدوث تغيّرات مفاجئة تقضي على مزايا الفكرة .و مخاطرة حدوث تغيّرات مفاجئة تقضي على مزايا الفكرة .
و من الممكن أن نتعامل مع المخاطر بعدّة طرق :
(1) إدراك المخاطر المحتملة .(2) صياغة و تصميم وضع التقهقر و التراجع، و نظم الحدّ من الخسارة .(3) تخفيض المخاطر بإجراء الاختبارات .(4) تخفيض المخاطر بإعادة تصميم الفكرة . (5) إرساء نظام إنذار مبكّر لاكتشاف المخاطر (6) الحرص على الوصول إلى أكبر قدر من المعلومات .(7) الاعتماد على التأمين .(8) الحرص على القيام بالاستجابات و ردود الأفعال السريعة .(9) توزيع المخاطرة و التخفيف من ثقلها بالمشاركة مع الآخرين .(10)حسن التقدير في عملية الموازنة بين المخاطر و المكاسب المنتظرة .

و في الرسالة القادمة، نرى كيف صبح الابتكار ضرورة عند اقتحام المستقبل

ليست هناك تعليقات: