الاثنين، يونيو ٠٢، ٢٠٠٨

الابتكار منفردا

كيف تبتكر بمفردك ؟ ..

المجال الفردي للتفكير الابتكاري لا يقلّ أهمّية عن المجال الاجتماعي، لأنّ الإنسان يفكّر بينه و بين نفسه أكثر ممّا يفكّر وسط مجموعة . و سنطرح فيما يلي مراحل استخدام الفرد لتقنيات التفكير الجانبي، أو الابتكاري .
المرحلة الأولى : البـؤرة .
أولا : تحديد و توضيح بؤرة التركيز، التي سيختارها الشخص لبدء تفكيره الابتكاري .
ثانيا : إعداد و تجهيز المعلومات و المصادر، التي يمكن أن تكون مطلوبة للتفكير في هذه البؤرة .
ثالثا : التفكير في بدائل للبؤرة التي قد اختارها، بدائل في منطوق البؤرة و في تعريفها .
رابعا : تحديد البؤر الفرعية، المتشعّبة من بؤرة التفكير الرئيسية، و التي يمكن للفرد أن يستخدمها فيما بعد، لإثراء النتائج التي توصّل إليها .

المرحلة الثانية : التقنـية .
أولا : اختيار التقنية المناسبة من بين تقنيات التفكير الابتكاري . التوصّل إلى الاختيار الأمثل، تتطوّر بالتجربة و مع طول الممارسة .
ثانيا : تطبيق التقنية، بطرح الاستثارة المناسبة، للتوصّل إلى بدائل أفكار جديدة .
ثالثا : استخدام التقنيات الابتكارية في بلورة هذه الأفكار الجديدة و تطويرها .

المرحلة الثالثة ؛ الخـرج .
الخرج (output)، هو الناتج أو العائد، و هو الحصيلة المرجوّة من عمليات التفكير الابتكاري، و من استخدام الأدوات و التقنيات الابتكارية . و هو يتضمّن :
أولا : استنباط مفاهيم جديدة، و العودة بالأفكار الجديدة إلى الخلف، للوصول منها إلى المفاهيم الجديدة التي تنبع منها تلك الأفكار .
ثانيا : التعامل مع المفاهيم الجديدة، للوصول منها إلى ما يصلح من أفكار، لبؤرة التفكير الابتكاري التي بدأنا بها .
ثالثا : الحصـاد .. و هو يتضمّن الاستفادة الكاملة من عملية التفكير الابتكاري، و عدم الانصراف بالكامل إلى بريق الأفكار الجديـدة التي نتوصّل إليها، على ما يمكن أن يكون مفيـدا خلال عملية التفكـير الابتكاري ذاتها . و يتحقّق هذا بملاحظة الفرد لكل ما يمرّ به خلال عملية التفكير الابتكاري، بالنسبة لبؤرة التركيز التي اختارها .
رابعا : بعد الوصول إلى الأفكار الجديدة نحتاج إلى معالجتها . فنسأل أنفسنا : ما الذي نفعله بهذه الأفكار الجديدة ؟، و ماذا نفعل بالنسبة لباقي الأفكار ؟ . نحن هنا لا نهتمّ بالمفاهيم الجديدة، و لكنّنا نركّز على الأفكار الجديدة . و المعالجة تتضمّن أيضا إعادة تشكيل الفكرة الجديدة، بحيث تحظى بأوسع قبول، و تكون أكثر قوّة .
خامسا : و أخيرا، نصل إلى عملية الخرج، أو الناتج أو العائد، من كلّ ما سبق. و عائد العملية الابتكارية يجب أن يخضع لعمليات منظّمة، حتّى نصل إلى حصاده . هذا التوجّه المنظّم في التعامل مع الخرج، يستوجب من المفكّر الابتكاري أن يكون أكثر تحديدا، بالنسبة للأفكار و المفاهيم .

أضواء إشارات المرور

و فيما يلي مثال تطبيقي على ما أوردناه، يتّصل بتطوير إشارات المرور الضوئية الشائعة في شوارعنا .
البـؤرة
البؤرة هنا هي "تطوير إشارات المرور الضوئية"، و هي من فصيلة بؤر الغرض المحدّد . غرضنا في هذه الحالة الوصول إلى إشارات مرور متطوّرة، تخدم نفس الوظيفة الحاليّة، فنتساءل :
ـ لماذا نقيم إشارات المرور بشكل رأسي ؟ .
ـ لماذا نضعها عالية ؟ .
ـ لماذا نقتصر على مجموعة واحدة من الإشارات ؟ .
المفهــوم
المفهوم المستنبط من هذه التساؤلات هو : أضواء مرور متعدّدة، في أماكن متعدّدة .
التقنــية
التقنية التي نعتمد عليها في هذا هي تقنية "الهروب"، فنقول" نحن نأخذ مأخذ التسليم أن تكون أضواء المرور يجب أن تكون مرئية . (بو) .. إشارات مرور غير مرئية " .
فكـــرة
إشارات لاسلكية، تضيء النور الأحمر داخل السيّارة، و تعني إيقاف حركتها .
الخـرج أو العائـد
مفهوم الأضواء المتعدّدة، يمكن أن يوحي بتكرار عمل الأضواء في أماكن مختلفة . ربّما أمكن جعل التحكّم في الأضواء فوق أرضية الشارع، بوجود شريط بعرضه متغيّر الألوان، و ربّما أمكن الاعتماد على أضواء صغيرة، مرتّبة على هيئة أشكال معيّنة .
المفهوم المستنبط من فكرة الأضواء، التي بداخل السيّارة و المعتمدة على إشارات لاسلكية، هو أن تستجيب السيّارة بشكل آليّ للأضواء . كما يمكن أن يتم هذا بإحداث تغييرات في مستوى الطريق، ممّا يشكّل عائقا ماديا أمام السيّارة . كذلك يمكن ترجمة الإشارات اللاسلكية إلى صوت يسمعه السائق داخل سيّارته .
الحصـــاد
حصاد هذا كلّه، يتبلور في اتّجاهين عريضين :
ألا : أشكال و مواضع مختلفة للأضواء .
ثانيا : وجود شيء داخل السيّارة يستجيب آليّا للإشارات .
تشكيل الأفـكار
في هذه المرحلة، نصل إلى التالي :
أولا : جعل الضوء الأحمر أكبر من الأضواء الأخرى .
ثانيا : وجود أكثر كن ضوء أحمر .
ثالثا : جهاز داخل السيّارة يستجيب للإشارات اللاسلكية، على أن يستمرّ النظام العادي في عمله، توقّيا لحدوث خلل في الجهاز الذي بداخل السيّارة .
رابعا : مزيد من التفكير، لتطوير مفهوم العائق المادّي الذي يكبح تقدّم السيّارة و انطلاقها، عندما يكون الضوء الأحمر مضاء .
الخـرج الشـكلي
الخرج الشكلي، أو العائد المنظّم لعمليات التفكير الابتكاري السابقة، من أفكار و مفاهيم و قيم :
فكـرة : أضواء حمراء أكبر أو مزدوجة، لكي تكون أكثر وضوحا .
قيمـة : رؤية الضوء الأحمر أهمّ من رؤية أي لون آخر .
مفهـوم : نظام استجابة داخل السيّارة، يحدّد لون الضوء .
قيمـة : إنذار مبكّر و قوي، ينبّه إلى أن الأضواء حمراء .

في هذا المثال الذي طرحناه، كان من الممكن أن يتمّ الحصاد و معالجة الأفكار بشكل أكثر توسّعا .
من بين ذلك : الصعوبة الناشئة عن الإشارات اللاسلكية، في التمييز بين السيّارات القادمة من اتّجاه معيّن و السيّارات القادم من الاتّجاه المقابل . و هذا يقودنا إلى التفكير في أنّه ربّما كان الأفضل أن تكون هذه الإشارات قبل الوصول إلى تقاطعات الطرق، تفاديا للخلط في الإشارات اللاسلكية، بين اتّجاهي السيّارات .

و إلى الرسالة التالية لنرى كيف يتم تقييم الفكرة المبتكرة بعد نضوجها

ليست هناك تعليقات: