الخميس، مارس ٢٠، ٢٠٠٨

الاستخدامات العملية للجهد الابتكاري

الابتكار .. من المشاكل إلى الفرص

في حالة الابتكار المحدّد، نكون أمام بؤرة تفكير محدّدة، أو أمام واجب ابتكاري معيّن .لهذا، يقتضي الابتكار المحدّد، بذل الجهد المنظّم المتعمّد، لتوليد أفكار جديدة، و مفاهيم جديدة، تتّصل بهذه البؤرة المحدّدة . أيّ أنّنا نستخدم الابتكار، في هذه الحالة، كإجراء متعمّد من أجل الوصول إلى أفكار جديدة، في مجال محدّد .
و هناك ثلاثة مظاهر أو معالم للابتكار المحدّد :
(1) تعريف و تحديد بؤرة التركيز، أو الواجب الابتكاري .
(2) وضع الهيكل الذي يسمح بالتطبيق المتعمّد لأدوات التفكير الابتكاري المنظّمة .
(3) تقييم و تطبيق ناتج التفكير الابتكاري .
تحديد البؤرة :
هناك من المشاكل ما يظهر، محدّدا أبعاده ذاتيّا، أو تلقائيا . و في باقي الحالات، يقوم الأفراد بتحديد بؤرة التركيز، أو يستجيبون إلى حاجة ابتكارية واضحة للغاية . كلّ هذه سبل يمكن أن تظهر من خلالها بؤر التركيز الابتكاري . و لكن من ناحية أخرى، توجد طـرقا أكثر شكلـية و منهجـية، مثل "قائمـة الأهداف الابتكارية"، أو "المهام ذات التكليف المحدّد"، أو "جماعات العمل الابتكاري .

هياكل التفكير الابتكاري :

بمجرّد تحديد بؤرة التركيز، تصبح هذه البؤرة هدفا للتفكير الابتكاري المتعمّد، على يد الفرد أو الجماعة، أو على أيديهما معا . الهياكل القائمة، كما في جماعات الجودة، أو جماعات المهمّة، يمكن أن تصبح إطارا للتفكير . كذلك يمكن اللجوء إلى تكوين جماعات ابتكارية خاصّة، كما في جماعة المهمّة ذات التكليف المحدّد .

التطوير و التطبيق :

الفريق الذي تخصّص له بؤرة التفكير الابتكاري، قد يمتدّ عمله إلى تقييم الأفكار الناتجة عن التفكير الابتكاري . في هذه الحالة، يكون العمل متواصلا .
أمّا إذا كان فريق التفكير مختلفا عن فريق التطبيق، فلا بد من الانتباه إلى تواجد الأفراد الذين سيطبقون الأفكار في مراحل مبكّرة من جلسات التفكير، بهدف تبنّيهم للأفكار و قبولهم لها .

الأفكار الجديدة كمواد خام

النقطة الهامّة في مجال الابتكار المحدّد، هي اعتبار الأفكار الجديدة بمثابة مواد خام، أو تكنولوجيات مساعدة، أو مصادر طاقة . فالأفكار الجديدة، لها وجودها الخـاصّ و أهميتها في ذاتها، حتّى عندما لا تكون الفرصة سانحة لاستخدامها . لذلك يجب أن نعامل الأفكار الجديدة بمنهجية .
و مجرّد الإحساس بالتوجّه الابتكاري أمر مطلوب، لكنّه لا يكفي . الابتكار الجادّ، يعني أن نكون جادّين في استخدام آليّات و تقنيات الابتكار المحدّد . دعونا نتأمّل هذين البديلين :
• أريد أن أكون مبتكرا، و قد وصلت إلى تنمية مهاراتي الابتكارية . و الآن، دعوني أتطلّع حولي بحثا عن شيء أمارس فيه ابتكاريتي .
• أمامي بؤرة تركيز محدّدة، و أحتاج إلى بعض السبل التي تصل بي إلى أفكار جديدة، فماذا أفعل ؟
في الحالة الأولى، تأتي الدوافع و المهارات الابتكارية في البداية، ثم يليها البحث عن الأهداف .وفي البديل الثاني، نكون أمام الإدراك بحاجة محدّدة، ثم يلي ذلك البحث عن سبيل توليد الأفكار الجديدة حول هذه الحاجة المحدّدة .
و خير وسيلة لتنمية المهارات الابتكارية، هي أن نبدأ بطرح الحاجة المحدّدة . لأنّه إذا كان الاحتياج واضحا، تحدّدت توقّعات الحركة، و ظهرت الحاجة إلى تعلّم أدوات التفكير الابتكاري .
و رغم ترجيحنا للبديل الثاني، إلاّ أن أغلب الناس يسلكون السبيل الأول عند ممارستهم للتفكير الابتكاري

مناطق الحاجة إلى الابتكار

في هذا المجال تتأكّد أهمّية ما أشرنا إليه أكثر من مرّة باسم "بؤرة التركيز الابتكاري". لسببين :
• التركيز على أشياء لم يركّز عليها أحد غيرنا، يتيح لنا أن نطوّر أفكارا جديدة، ذات قيمة، إعتمادا على جهد ابتكاري بسيط .
• الأدوات الابتكارية المنهجية المنظّمة، تصل إلى أعلى قوّة لها، عندما نكون بصدد بؤرة تركيز محدّدة، نصرّ على التصدّي لها .
معظم العاملين في وظائف الإدارة العليا و العمل التنفيذي، يكونون أقلّ قدرة على طرح بؤرة التركيز الابتكاري، لاعتقادهم أن التفكير الجاد يجب أن يقتصر على جهد حلّ المشاكل التي تعترض سبيل العمل . و المشكلة لا تحتاج إلى من يبحث عنها، لأنّها عادة ما تعلن عن نفسها . من هذا المنطلق يحجمون عن البحث عن مشاكل غير بادية، و عن السعي إلى طرح بؤر ابتكارية

تركيب قائمة الأهداف الابتكارية

يمكن أن يتم تركيب قائمة الأهداف الابتكارية بأكثر من طريقة :
أولا : التقاء المجموعة الابتكارية لكي تطرح تركيبا للقائمة، كنوع من التدريب . على أن يكون أفراد المجموعة قد بلّغوا مسبقا بالموضوع، لكي يفكّروا في اقتراحاتهم التي سيتقدّمون بها .
ثانيا : يطلب رئيس العمل من أفراد قسمه أن يسجّل كلّ منهم قائمته الخاصّة، و بعد تجمّع القوائم، يقوم بتركيب القائمة النهائية .
ثالثا : يوكل أمر وضع القائمة إلى فريق من العاملين، بحيث يقوم أفراد الفريق بالتحدّث إلى العاملين، كلّ في قسمه، ثم يتفرّغون لوضع القائمة . على أن يمرّروها على العاملين الذي ساهموا في اقتراح عناصرها، قبل التقدّم بها .
رابعا : يوكل أمرها إلى أحد الأفراد . ثم يطرح ما توصّل إليه على باقي العاملين، طلبا للمزيد من الاقتراحات، أو تعديل المطروح، أو الإضافة إليه

عناصر قائمة الأهداف

الملاحظ، أنّه يوجد ميل عام إلى شغل القائمة بالمشاكل . و رغم أنّنا لا نستبعد المشاكل من القائمة، نظرا لما تحتاجه المشاكل من تأمّل ابتكاري، إلى جانب الاعتماد على الخبرات و التحليل و المنطق، إلاّ قائمة الأهداف الابتكارية تتحقّق الفائدة منها إذا ما روعي عند ترتيب بنودها، أن تتضمّن خليطا من أربعة عناصر، هي: المشاكل، و مهام التجويد، و المشروعات، و الخواطر و الفرص .
المشاكل : تعتبر المشاكل من فئة بؤر التركيز ذات الغرض . و المشاكل الواردة في القائمة، تضمّ خليطا من المشاكل الفعلية التي نعاني منها لزمن طويل، و غيرها من المشاكل العابرة التي يكون من السهل حلّها . و لا يجب المشاكل تقنيات معقّدة، حتّى لا نحرم من هم خارج نطاق هذه التقنيات من المساهمة في حلّها .
مهام التجويد : و فيها يتم تحديد المجال و النطاق، و نوعية التجويد المطلوب . و هذا يجعلنا بصدد بؤرة تركيز ابتكاري ذات غرض .
المشروعات : قد يكون المشروع تكليفا رسميا ملزما، و قد يكون مبادرة كنتيجة لإحدى جلسات التفكير الابتكاري، كما قد يكون جهدا ذاتيا لأحد الأفراد . قد يتضمّن المشروع دعوة لتصميم أو ابتكار شيء جديد، و قد يكون أحيانا غير متّصل مباشرة بالعمل، و ينصبّ على المجتمع .
الخواطر و الفرص : و هذه تكون إلى حدّ بعيد من بؤر التركيز ذات "المجال العام" . في حالة "الخاطر"، نختار ـ ببساطة ـ أيّ مجال، ثم ندعو الأفراد إلى تطوير أفكار حوله . و قد يتمّ تحديد المجال اعتمادا على عائد بؤر تركيز غير عاديّة جرى طرحها، كما يمكن أن يتم التحديد نتيجة لتفكير متعمّد
و هذا العنصر يتضمّن "الفرص" التي يتمخّض عنها تغيير ما، أو ظهور منتج جديد لمنافس ما . هنا، يمكن أن
ننظر إلى ذلك باعتباره بابا مفتوحا لفرص جديدة، نصلها عن طريق التفكير الابتكاري

ليست هناك تعليقات: