الجمعة، يناير ١٨، ٢٠٠٨

استخدامات الابتكار

الاستخدامات العمليّة، للتفكير الابتكاري

ما هي المواقف التي يفيدنا فيها الاعتماد على التفكير الابتكاري ؟ . القاعدة الأساسية، هي البدء بالاعتماد على المعلومات و تحليل هذه المعلومات، ثم استخدام المنطق، في الوصول إلى الأفكار التي نسعى إليها، في موقف من المواقف . هذا هو المسار الطبيعي الذي يسلكه الإنسان منذ الأزل . لكن ما الذي يمكننا أن نفعله إذا لم يصل بنا ذلك إلى هدفنا المنشود ؟ . هنا، تنشأ الحاجة إلى التفكير الابتكاري، و إلى الاعتماد على التقنيات الابتكارية التي تحدّثنا عنها .
و سنحاول فيما يلي، أن نطرح بعض الحالات الأساسية، التي نستفيد فيها من الاعتماد على التفكير الابتكاري، عندما لا نصل إلى غايتنا بالاعتماد على المعلومات و التحليل و المنطق .

التجـــويد

كل شيء أو نشاط، يكون قابلا للتجويد و التحسين . و تكمن المشكلة في البحث عن طريقة لحثّ أطراف العمل على بذل الجهد لتجويده، فقد تعوّدنا أن يقتصر جهدنا على حلّ المشاكل كلّما ظهرت، دون التفكير في تجويد ما نقوم به من عمل إذا لم تواجهنا أيّة مشاكل فيه .
و من التقنيات المفيدة في عملية التجويد، تقنية " بؤرة التركيز "، فنحن نحتاج إلى رؤية أوضح لما نركّز عليه . و في مجال المنافسة، يمكننا أن نصل إلى أفضل النتائج إذا ما ركّزنا على ما لا يركّز عليه الآخرون من المنافسين .
و " التحـدّي "، يكون مهمّا في هذا المجال، لأنّه يتضمّن افتراضا بأن الطريقة الحالية لإنجاز شيء ما ليست هي الأفضل . هنا، يمكننا أن نتحدّى الحدود القائمة و الافتراضات، بهدف الوصول إلى الحرّية اللازمة لاقتراح التغييرات .
و التجويد يمكن أن يتحقّق عن طريق " البحث عن البدائل " . و هذا، يمكن أن يتمّ على مختلف المستويات : مستوى الهدف الأكبر، و مستوى المفاهيم، و مستوى التفاصيل . و في تقنية " مروحة المفاهيم "، نسأل أنفسنا : ما هي "التوجّهات" العامّة لعملية التجويد ؟، و كيف يمكن تطبيق تلك التوجّهات؟. كما يمكن تطبيق ذلك على "الغرض" الكلّي للعملية . كما يمكننا الاعتماد على "الهروب"، بهدف الفكاك ممّا نفعله الآن، و الخروج من سيطرة ما اعتدنا ممارسته من تتابع التفكير، ممّا يتيح لنا أن نركّز على إعادة التفكير في العملية التي نحن بصددها .

حلّ المشــاكل

يفيد الاعتماد على تقنية ،"بؤرة التفكير" في الوصول إلى التعريف الذي نعتمده للمشكلة التي بين يدينا، ثم محاولة الوصول إلى تعاريف بديلة لها . كما تساعدنا هذه التقنية في رصد المشاكل الفرعية، داخل المشكلة الأمّ .
كذلك يمكننا أن نتحدّى طريقة طرحنا للمشكلة، و نظرتنا إليها . فقد يسفر هذا عن وجود فرص جديدة، و ليس مجرّد المشكلة التي بدأنا بها . عن طريق "التحدّي" يمكن أن نصل إلى إجابة عن تساؤلات مثل : هل نحتاج فعلا إلى تناول هذه المشكلة ؟، ألا يجوز أن تختفي من تلقاء نفسها ؟ . المهم هو أن نعمد إلى "البحث عن البدائل" عند كل نقطة . أمّا في حالة المشاكل الصغيرة، فقد يكفي أن نبحث عن البدائل من واقع خبراتنا، عند التصدّي لحلّها .
عند السعي إلى حل المشاكل، يكون علينا أن نتساءل عن التوجّهات أو التناولات التي نحن بصددها، و كذلك المفهوم الذي يناسب كلّ توجّه، و الأفكار التي يمكن أن نستخدمها لوضع هذه المفاهيم موضع التطبيق . و تقنية "الهروب" يمكن تطبيقها على تناولنا الحالي للمشكلة، و على طريقتنا الراهنة في النظر إليها . و بشكل عام، كلّما شعرنا أن فكرة معيّنة، أو موقف ما، اعتدنا أخذه مأخذ التسليم، اعتمدنا على هذه التقنية للهروب من ذلك التناول المعتاد .

أداء المهمّــات

إذا ما كانت المشكلة عبارة عن شيء يكون علينا حلّه أو تجنّبه، فإن المهمّة هي شيء نرغب في أدائه والقيام به . المهمّة، قد تبادر بالتصدّي لها، أو قد يوكل إليك الآخرون القيام بها . و هنا، ينصبّ الاهتمام على "المهمّة الابتكارية"، التي تتطلّب أفكارا جديدة غير مسبوقة .
تقنية "بؤرة التركيز"، تفيدنا هنا في توضيح أبعاد المهمّة . و يفيدنا في هذا المجال الوصول إلى مفاهيم جديدة، لاستنباط أفكار جديدة، بالإضافة إلى الاعتماد على "الكلمة العشوائية" لفتح سبل جديدة في التفكير .

الفـــرص

تغيّر الظروف، يفتح الباب أمام ظهور فرص جديدة، لم تكن متاحة من قبل . إذا ظهرت خامة جديدة في السوق، فإنّنا نتساءل : ما هي الفرص الجديدة التي يمكن أن توفّرها هذه الخامة الجديدة ؟ . كذلك تؤكّد الدراسات، أنّ تغيّر المواقف و السلوكيّات يمكن أن يوفّر الجديد من الفرص .
و نحن نحتاج هنا إلى تحرير الفكر من قيود المعقولية، ممّا يمكن لتقنية "التمنّي" أن تحقّقه . كما يمكن لتقنية "الكلمة العشوائية أن تفتح خطوطا جديدة للتفكير، و نقطة بداية نتحرّك منها إلى المفاهيم .
و تساعد تقنية "الهروب" على الفكاك من الأشياء التي تبدو لنا من (المسلّمات) . كذلك تفيد تقنية " التحدّي" في تأمّل عملية التفكير في حدّ ذاتها . و الغرض من هذا، هو نفس غرض "الهروب"، إذ نسأل أنفسنا مثلا: لماذا يقتصر اهتمامنا على أسعار منخفضة للخامات ؟، ألا يفيد أن نوجّه اهتمامنا إلى وجهة أخرى مختلفة ؟ .

الاخــتراع

عندما نتصدّى للاختراع، أو لاستحداث شيء مبتكر غير مسبوق، تواجهنا عدّة احتمالات للبداية .
بعض هذه البدايات تكون مفتوحة النهايات، مثال ذلك قولنا : نريد اختراع شيء في مجال خدمة الحدائق . و في أحيان أخرى، قد نبقى عند حدّ بؤرة تركيز محدودة : نريد الوصول إلى فتحة لخرطوم المياه، قابلة للتحكّم الكامل .
و نحن هنا نحتاج إلى تقنية "نقطة التركيز"، لما يمكن أن تحدثه من تغيير في مسار التفكير، لكن علينا أن نكون منتبهين لنقاط التركيز الجديدة التي تظهر لنا خلال مراحل التفكير . فقد يشرع المخترع في البحث عن طريق للوصول إلى اختراع جديد في مجال معيّن، فيصل إلى اختراع في مجال آخر .
و عندما تفشل نقطة البداية التي اعتمدنا عليها في الوصول إلى شيء ملفت، يمكن الاعتماد على تقنية "الكلمة العشوائية"، في توفير نقطة بداية جديدة . و تساعدنا تقنية "التحدّي" في مجال الاختراع، بما تتيحه من تساؤلات حول مصداقية بعض ما نعتمد عليه من افتراضات و ما نلتزم به من حدود .

التصمـــيم

الاختراع، جهد ابتكاري، قد لا نجد له عائدا . لذا نحتاج إلى بذل جهد في مجال "التصميم"، من أجل الوصول إلى عائد . و عملية "التصميم"، تفتح لنا باب الطرق الأفضل، فنحن غالبا ما نميل إلى الارتماء في أحضان الطرق التقليدية و القياسية عند السعي إلى إنجاز الأشياء .
و لذلك تفيد هنا تقنية "التحدّي"، في تحدّي التناول العادي، والافتراض القياسي، و الحكمة التقليدية . إنّنا نسعى هنا إلى تحدّي الطريقة التي تسير عليها الأشياء .
و لنفس الغاية، تتأكّد أهمّية تقنية "الهروب" . فنحن هنا نهرب من افتراضات التصميم التقليدي . فالمصمّم يهرب هنا من تفكيره المعتاد، بأن يسأل نفسه : ما هو تفكيري المعتاد في هذا الأمر ؟ . و عن طريق تقنية "الهروب"، يمكنه أن يصل إلى اتّجاه جديد تماما في التفكير . و يكون عليه بعد ذلك أن يطوّر ما وصل إليه بالاعتماد على التفكير المنطقي .
و في مجال التصميم، يمكن الاعتماد على تقنية " البحث عن البدائل"، عند مختلف مستويات التفكير .
ومن البدائل ما هو عام، يتّصل بعمليات التصميم الكلّي . و منها ما يتّصل بالتطبيقات، كأن نسأل أنفسنا : ما هي المواد أو الخامات التي يمكن استخدامها في هذا ؟ . و هناك من البدائل ما يصلح عند مستوى التفاصيل . و لكن، علينا التوصّل إلى تعريف محدّد و واضح للنقطة المحدّدة، التي نعتمد عليها في الوصول إلى البدائل، حتّى لا يقود التغيير في جانب معيّن، إلى إفساد جوانب أخرى .
و الاعتماد على "المفاهيم"، يفيد بطريقتين . فمن الممكن أن نمضي بين المفاهيم عند البداية الأولى لعملية التصميم، كما أنّ هذه التقنية تكون مفيدة أيضا أثناء عملية التفكير ذاتها، عند السعي إلى بلورة ما يظهر من مفاهيم .

و دعونا نرى في الرسالة القادمة، ما يحدث عندما يصبح العقل صفحة بيضاء

ليست هناك تعليقات: