





مكاسب لعبة القبّعات السـتّ
في أيّ اجتماع لمجموعة مسئولة عن اتّخاذ القرارات، مجلس وزراء، أو لجنة عليا، أو أعضاء مجالس إدارة مؤسّسة أو شركة، لو تأمّلت ما يجري من حوار و ما يتم من جدل، ستكتشف أن الكثير ممّا يدور لا يستهدف الوصول إلى القرار السليم، بقدر ما يعبّر عن الصراعات بين المشاركين، و عن مشاعرهم المستورة و المكبوتة . و آليّة القبّعات الست للتفكير الابتكاري، واحدة من الآليّات العديدة التي أجملناها فيما سبق، أثبتت نجاحها في تخليص مثل تلك الاجتماعات من هذه النواقص، و في تسهيل الوصول إلى الحلول الجديدة للمشاكل و الأفكار الابتكارية غير المسبوقة
و قد تحدثنا في المقال السابق عن هذه القبّعات بألوانها الستّة، و ما ترمز إليه . و فيما يلي نطرح جانباً من المكاسب التي توفرها كل تقنية
( 1 ) مهمّة واحدة في الوقت الواحد
المشكلة الرئيسية في التفكير الجماعي، هي ما يعتريه من خلط و ارتباك و تشويش، نتيجة لأنّنا نسعى إلى عمل الكثير في نفس الوقت، فتنهال على المجتمعين في وقت واحد : البيانات و المعلومات و المشاعر و المنطق و الآمال والسعي إلى الابتكار . القبّعات الستّ تتيح لنا أن نفعل شيئا واحدا في الوقت الواحد، فيصبح من الممكن أن نفصل ـ ولو بشكل مؤقّت ـ بين مراحل التفكير و عناصره الضروريّة
في الاجتماع الذي يضمّ عدّة أشخاص، يكون من المفيد أن نعتمد على القبّعات الستّ، في تشجيع كلّ مشارك على أن ينتقل من طريقه المعتاد، إلى التفكير بشكل مختلف، فيما هو مطروح عليه
( 2 ) الجمــيع يفكّــرون
كل إنسان يستطيع أن يكون مفكّراً، لو أتيح له أن يساهم في لعبة التفكير بطريقة سليمة . المهم، هو أن تشارك في اللعبة، حتّى و لو لم تكن مستسيغا لحركاتها في بداية الأمر . و مع الممارسة، ستتعرّف على فائدة اللعبة، عندما تصل إلى أفكار لم تكن تعتقد أنّها يمكن أن تدور في عقلك
من المكاسب التي تحقّقها آليّات التفكير الابتكاري ـ و القبّعات الستّ من بينها ـ أنّها تضع القواعد، و تنظّم تتابع الحركات، التي تجعل منك مفكّراً، إذا ما التزمت بها . و قد يستنكر البعض أن يتحوّل الجميع إلى مفكّرين، باعتبار الأثر السلبي لذلك على معدّلات العمل و الإنتاج . و حقيقة الأمر أن التفكيرالابتكاري هو السبيل إلى القيام بعمل مثمر، و بطريقة أفضل للقيام به
و في ظلّ التحوّل من العمالة العضليّة إلى العمالة العقليّة أو المعرفيّة، سنحتاج أن يفكّر الجميع . فقد انتهى العصر الذي تفكّر فيه القلّة أو الصفوة، و لا يكون على مجموع العاملين سوى التنفيذ
( 3 ) التفكير المتعمّد الإرادي
من مكاسب آليّة القبّعات الستّ، أنّها تتيح لنا ـ على خلاف ما تعوّدنا ـ أن نفكّر بشكل متعمّد، ومقصود، و إرادي
نحن نضع القبّعات على رؤوسنا بشكل متعمّد، ممّا يقود إلى نوع محدّد من التفكير، يختلف عن التفكير الذي نمارسه و نحن في الطائرة أو السيارة، أو عندما نتنزّه
و آليّة القبّعات الستّ تساعدنا في التدرّب على الوصول إلى الأهداف . و خير مثال على هذا يمكن أن نستمدّه من مجال الجري و العدو . كلّنا نجري إذا أردنا، لكن جرينا يختلف عمّا يقوم به العدّاء المحترف، فهو يجري بشكل إرادي متعمّد، متّبعاً الأصول و القواعد، و متمرّناً على الوصول إلى هدفه
هناك فرق بين التفكير الحرّ المتداعي الذي يثيره موقف طارئ، و بين عمليّة التفكير الإرادي المتعمّد. فعندما تبدأ قيادة سيّارتك، تفكّر في الهدف الذي تسعى إليه، ثم تفكّر في الطريق الذي يصل بك إلى غايتك، في أقصر وقت و أقلّ جهد، و هذا هو نوع من التفكير . لكن أثناء قيادتك لسيّارتك، تطرأ عوامل من لحظة لأخرى، تقتضي التفكير السريع استجابة لها، كإشارة مرور حمراء، أو سيّارة أخرى تنحرف نحوك، أو قطّة تعبر الطريق، فتستجيب لهذه المنبّهات . و هذا نوع آخر من التفكير، هو تفكير الاستجابة . في هذه الحالة، أنت تقرأ المؤشّرات الوقتيّة و تتّخذ قراراً، لكنك لا تتصرّف وفق خطّة مسبقة كنت قد وضعتها
النوع الأول من التفكير يتّصل بوضع خريطة . فيه يتمّ استكشاف الموضوع، و رسم الخريطة بطريقة موضوعيّة تتّسم بالحياد، و بالنظرة العريضة، و هذا يختلف عن مجرّد الاستجابة للإشارات العارضة عندما تظهر
( 4 ) الحـوار و الجـدل
يقول المفكّر الابتكاري إدوارد دي بونو، " نميل دائما إلى الأخذ باعتقاد سخيف، قائم على سوء فهمنا لتراث مفكّري الإغريق، مفاده أن التفكير يقوم على الحوار و النقاش و الجدل . و قد أساء هذا كثيرا إلى التفكير السائد في الغرب، و الذي انتشر في باقي أنحاء العالم " . و بقول أن عادة مفكّري الغرب في الاعتماد على الحوار و الجدل تضرّ بعائد عمليّة التفكير، و تهمل أشكالاً أخرى أكثر خصوبة وابتكاريّة
التفكير الناقد ـ على سبيل المثال ـ يفيد في الاستجابة لما يطرح علينا من قضايا، لكنّه لا يوفّر الأفكار الابتكارية المطلوبة، و التي نحتاج إليها خلال المنافسة الاقتصاديّة للوصول إلى أفكار جديدة لا تكون بالضرورة متوفّرة لدى المنافسين
إذا لم تكن تنوي الوقوف عند حدّ الاستجابة لما يطرح عليك، فلا بد أن تكون لديك طريقة تساعدك على تحديد مسار انتباهك
( 5) اكتساب المهــارات
الذي يصنع المفكّر، هو أن يقصد التفكير و يتعمّده . لكن النيّة وحدها لا تكفي، فلا بد من فعل أشياء لاكتساب مهارة التفكير . و هذا هو ما يفعله المتميّزون المتفرّدون في جميع المجالات، في البحث العلمي، و الشطرنج، و عزف الكمان، و رفع الأثقال، و الطهي
آليّات التفكير الابتكاري ـ و من بينها آليّة القبّعات الستّ ـ توفّر سبيل اكتساب المهارات . والتفكير الابتكاري ـ من خلال القبّعات الستّ ـ يفتح الباب أمام الاجتهاد بلا تحرّج، فالمفكّر، من المفترض فيه ألاّ يكون مصيباً في جميع الأحوال . علماً بأنّ المفكّر الذي يتصوّر أنّه مصيب على طول الخط، يجري تصنيفه ضمن فئة أصحاب التفكير الضعيف، الذين لا يهتمون باستكشاف أبعاد الأمور و القضايا، غير القادرين على رؤية البدائل
أن تكون مفكّراً، لا يعني التفوّق الدائم، و القدرة على حلّ جميع المشاكل المستعصية، بل يعني أن تتوفّر لديك الرغبة الواعية في أن تفكّر . و آليّة القبّعات الستّ، تقدّم طريقة سهلة يمكن الاعتماد عليها في ترجمة المقاصد إلى أداء عمل
( 6 ) لعـب الأدوار
أن تلعب دوراً، يعني أن تعطي ذاتك إجازة
و هذه ميزة هامة في آليّة القبّعات الستّ، فهي تتيح لك أن تلعب دور الناقد، و دور المعبّر عن مشاعره و أحاسيسه، و دور المبتكر، كلّ هذا دون أن تعرّض ذاتك للتوتّر، أو تضعها موضع الامتـحان . . فأنت في جميع الأحوال تلعب
و هذا هو ـ بالضبط ـ ما يحدث مع الممثّل المسرحي المحترف، انّه يلعب دور الشرّير، وتنهال عليه لعنات المشاهدين، فلا يشعر بالإهانة، بل قد يسعد باستجابة الجمهور، باعتبار أن تلك الاستجابة هي الدليل على إجادته
عندما تضع إحدى القبّعات الستّ على رأسك، فهذا يعني أنّك تتهيّأ للعب أحد الأدوار، معتمداً في ذلك على قدرتك على التقمّص، و الدخول في الدور، و ليس على ذاتك
و في عمليات التفكير الجماعي، تأتي المقاومة الكبرى من جانب محاولة المشاركين الحفاظ على ذواتهم و الدفاع عنها، في مواجهة الآخرين . رفض الفكرة الجديدة التي تطرحها على الجماعة من جانب أحد المشاركين، و خاصّة إذا كان الرفض اسـتنكاريّاً، يخرجك من إطار البحث عن الحقيـقة الجـديدة، و يدخلك إلى دائرة الدفاع عن الذات، و انتهاز الفرصة المواتية لرد اللطمة
إلى هذا ـ بالتحديد ـ تعود المسئوليّة عن معظم أخطاء التفكير
و فضيلة آليّة القبّعات الستّ للتفكير الابتكاري، أنّها تؤسّس قواعد خاصّة لأداء (مباراة) التفكير، بما لا يتضمّن المخاطرة بانتقاص الذات
من مكاسب آليّة القبّعات الستّ، أنّها تتيح لنا ـ على خلاف ما تعوّدنا ـ أن نفكّر بشكل متعمّد، ومقصود، و إرادي
نحن نضع القبّعات على رؤوسنا بشكل متعمّد، ممّا يقود إلى نوع محدّد من التفكير، يختلف عن التفكير الذي نمارسه و نحن في الطائرة أو السيارة، أو عندما نتنزّه
و آليّة القبّعات الستّ تساعدنا في التدرّب على الوصول إلى الأهداف . و خير مثال على هذا يمكن أن نستمدّه من مجال الجري و العدو . كلّنا نجري إذا أردنا، لكن جرينا يختلف عمّا يقوم به العدّاء المحترف، فهو يجري بشكل إرادي متعمّد، متّبعاً الأصول و القواعد، و متمرّناً على الوصول إلى هدفه
هناك فرق بين التفكير الحرّ المتداعي الذي يثيره موقف طارئ، و بين عمليّة التفكير الإرادي المتعمّد. فعندما تبدأ قيادة سيّارتك، تفكّر في الهدف الذي تسعى إليه، ثم تفكّر في الطريق الذي يصل بك إلى غايتك، في أقصر وقت و أقلّ جهد، و هذا هو نوع من التفكير . لكن أثناء قيادتك لسيّارتك، تطرأ عوامل من لحظة لأخرى، تقتضي التفكير السريع استجابة لها، كإشارة مرور حمراء، أو سيّارة أخرى تنحرف نحوك، أو قطّة تعبر الطريق، فتستجيب لهذه المنبّهات . و هذا نوع آخر من التفكير، هو تفكير الاستجابة . في هذه الحالة، أنت تقرأ المؤشّرات الوقتيّة و تتّخذ قراراً، لكنك لا تتصرّف وفق خطّة مسبقة كنت قد وضعتها
النوع الأول من التفكير يتّصل بوضع خريطة . فيه يتمّ استكشاف الموضوع، و رسم الخريطة بطريقة موضوعيّة تتّسم بالحياد، و بالنظرة العريضة، و هذا يختلف عن مجرّد الاستجابة للإشارات العارضة عندما تظهر
( 4 ) الحـوار و الجـدل
يقول المفكّر الابتكاري إدوارد دي بونو، " نميل دائما إلى الأخذ باعتقاد سخيف، قائم على سوء فهمنا لتراث مفكّري الإغريق، مفاده أن التفكير يقوم على الحوار و النقاش و الجدل . و قد أساء هذا كثيرا إلى التفكير السائد في الغرب، و الذي انتشر في باقي أنحاء العالم " . و بقول أن عادة مفكّري الغرب في الاعتماد على الحوار و الجدل تضرّ بعائد عمليّة التفكير، و تهمل أشكالاً أخرى أكثر خصوبة وابتكاريّة
التفكير الناقد ـ على سبيل المثال ـ يفيد في الاستجابة لما يطرح علينا من قضايا، لكنّه لا يوفّر الأفكار الابتكارية المطلوبة، و التي نحتاج إليها خلال المنافسة الاقتصاديّة للوصول إلى أفكار جديدة لا تكون بالضرورة متوفّرة لدى المنافسين
إذا لم تكن تنوي الوقوف عند حدّ الاستجابة لما يطرح عليك، فلا بد أن تكون لديك طريقة تساعدك على تحديد مسار انتباهك
( 5) اكتساب المهــارات
الذي يصنع المفكّر، هو أن يقصد التفكير و يتعمّده . لكن النيّة وحدها لا تكفي، فلا بد من فعل أشياء لاكتساب مهارة التفكير . و هذا هو ما يفعله المتميّزون المتفرّدون في جميع المجالات، في البحث العلمي، و الشطرنج، و عزف الكمان، و رفع الأثقال، و الطهي
آليّات التفكير الابتكاري ـ و من بينها آليّة القبّعات الستّ ـ توفّر سبيل اكتساب المهارات . والتفكير الابتكاري ـ من خلال القبّعات الستّ ـ يفتح الباب أمام الاجتهاد بلا تحرّج، فالمفكّر، من المفترض فيه ألاّ يكون مصيباً في جميع الأحوال . علماً بأنّ المفكّر الذي يتصوّر أنّه مصيب على طول الخط، يجري تصنيفه ضمن فئة أصحاب التفكير الضعيف، الذين لا يهتمون باستكشاف أبعاد الأمور و القضايا، غير القادرين على رؤية البدائل
أن تكون مفكّراً، لا يعني التفوّق الدائم، و القدرة على حلّ جميع المشاكل المستعصية، بل يعني أن تتوفّر لديك الرغبة الواعية في أن تفكّر . و آليّة القبّعات الستّ، تقدّم طريقة سهلة يمكن الاعتماد عليها في ترجمة المقاصد إلى أداء عمل
( 6 ) لعـب الأدوار
أن تلعب دوراً، يعني أن تعطي ذاتك إجازة
و هذه ميزة هامة في آليّة القبّعات الستّ، فهي تتيح لك أن تلعب دور الناقد، و دور المعبّر عن مشاعره و أحاسيسه، و دور المبتكر، كلّ هذا دون أن تعرّض ذاتك للتوتّر، أو تضعها موضع الامتـحان . . فأنت في جميع الأحوال تلعب
و هذا هو ـ بالضبط ـ ما يحدث مع الممثّل المسرحي المحترف، انّه يلعب دور الشرّير، وتنهال عليه لعنات المشاهدين، فلا يشعر بالإهانة، بل قد يسعد باستجابة الجمهور، باعتبار أن تلك الاستجابة هي الدليل على إجادته
عندما تضع إحدى القبّعات الستّ على رأسك، فهذا يعني أنّك تتهيّأ للعب أحد الأدوار، معتمداً في ذلك على قدرتك على التقمّص، و الدخول في الدور، و ليس على ذاتك
و في عمليات التفكير الجماعي، تأتي المقاومة الكبرى من جانب محاولة المشاركين الحفاظ على ذواتهم و الدفاع عنها، في مواجهة الآخرين . رفض الفكرة الجديدة التي تطرحها على الجماعة من جانب أحد المشاركين، و خاصّة إذا كان الرفض اسـتنكاريّاً، يخرجك من إطار البحث عن الحقيـقة الجـديدة، و يدخلك إلى دائرة الدفاع عن الذات، و انتهاز الفرصة المواتية لرد اللطمة
إلى هذا ـ بالتحديد ـ تعود المسئوليّة عن معظم أخطاء التفكير
و فضيلة آليّة القبّعات الستّ للتفكير الابتكاري، أنّها تؤسّس قواعد خاصّة لأداء (مباراة) التفكير، بما لا يتضمّن المخاطرة بانتقاص الذات
* * *
بقي بعد ذلك أن نتحدّث عن آليّات أخرى للتفكير الابتكاري، لا تقتصر في استخدامها على الجماعات و الاجتماعات، بل يمكن للفرد أن يعتمد عليها، بينه و بين نفسه، في الوصول إلى أفكار ابتكاريه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق